فصل: فَرْعٌ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(وَيُسَنُّ لِلْمُصَلِّي) أَنْ يَتَوَجَّهَ (إلَى جِدَارٍ أَوْ سَارِيَةٍ) أَيْ عَمُودٍ (أَوْ عَصًا مَغْرُوزَةٍ) أَوْ هُنَا وَفِيمَا بَعْدُ لِلتَّرْتِيبِ وَفِيمَا قَبْلُ لِلتَّخْيِيرِ لِاسْتِوَاءِ الْأَوَّلَيْنِ وَتَرَاخِي الثَّالِثِ عَنْهُمَا فَلَمْ يَسُغْ الْعُدُولُ إلَيْهِ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُمَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُصَلِّي مَعَ الْعَصَا وَفِي الْخَطِّ مَعَ الْمُصَلِّي (أَوْ بَسَطَ مُصَلًّى) بَعْدَ عَجْزِهِ عَمَّا ذَكَرَ (أَوْ خَطَّ) خَطًّا (قُبَالَتَهُ) عَرْضًا أَوْ طُولًا، وَهُوَ الْأَوْلَى عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ بِحَيْثُ يُسَامِتُ بَعْضَ بَدَنِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْمُصَلَّى فَمَتَى عَدَلَ عَنْ مُقَدَّمٍ لِمُؤَخَّرٍ مَعَ سُهُولَتِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعَذُّرُهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَانَتْ سُتْرَتُهُ كَالْعَدَمِ وَإِذَا اسْتَتَرَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَإِنْ أَزَالَتْ بِنَحْوِ رِيحٍ أَوْ مُتَعَدٍّ أَثْنَاءَ صَلَاتِهِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ عَلِمَ بِهَا وَقَرُبَ مِنْ سُتْرَتِهِ وَلَوْ مُصَلًّى وَخَطًّا لَكِنَّ الْعِبْرَةَ بِأَعْلَاهُمَا بِأَنْ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَدَمَيْهِ أَيْ عَقِبِهِمَا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا مِمَّا يَأْتِي فِي فَصْلِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى إمَامِهِ فِيمَا يَظْهَرُ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ فَأَقَلَّ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ الْمُعْتَدِلِ وَكَانَ ارْتِفَاعُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ بِذَلِكَ فَأَكْثَرَ وَلَمْ يُقَصِّرْ بِوُقُوفِهِ فِي نَحْوِ مَغْصُوبٍ أَوْ إلَيْهِ أَوْ فِي طَرِيقٍ وَأَلْحَقَ بِهَا ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَهُوَ مَعْدُودٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَتَبِعَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ الصَّلَاةَ فِي الْمَطَافِ وَقْتَ مُرُورِ النَّاسِ بِهِ أَوْ بِوُقُوفِهِ فِي صَفٍّ مَعَ فُرْجَةٍ فِي صَفٍّ آخَرَ بَيْنَ يَدَيْهِ لِتَقْصِيرِ كُلِّ مَنْ وَرَاءَ تِلْكَ الْفُرْجَةِ بِعَدَمِ سَدِّهَا الْمُفَوِّتِ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَلِلدَّاخِلِ خَرْقُ الصُّفُوفِ وَإِنْ كَثُرَتْ حَتَّى يَسُدَّهَا فَإِنْ لَمْ يُقَصِّرُوا لِنَحْوِ جَذْبِ مُنْفَرِدٍ لِمَنْ بِهَا لِيَصُفَّ مَعَهُ لَمْ يَتَخَطَّ لَهَا أَوْ بِسُتْرَتِهِ بِمُزَوَّقٍ يَنْظُرُ إلَيْهِ أَوْ بِرَاحِلَةٍ نُفُورٌ أَوْ بِامْرَأَةٍ قَدْ يَشْتَغِلُ بِهَا أَوْ بِرَجُلٍ اسْتَقْبَلَهُ بِوَجْهِهِ.
وَإِلَّا فَهُوَ سُتْرَةٌ فَعُلِمَ أَنَّ كُلَّ صَفٍّ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ إنْ قَرُبَ مِنْهُ وَلَوْ شَرَعَ مَعَ عَدَمِ السُّتْرَةِ فَوُضِعَتْ لَهُ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ حَرُمَ الْمُرُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ نَظَرًا لِصُورَتِهَا لَا لِتَقْصِيرِهِ سُنَّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ الَّذِي لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَجِبْ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ احْتِرَامًا لِلصَّلَاةِ لِأَنَّ وَضْعَهَا عَدَمُ الْعَبَثِ مَا أَمْكَنَ وَتَوَفُّرُ الْخُشُوعِ وَالدَّفْعُ وَلَوْ مِنْ الْغَيْرِ قَدْ يُنَافِيهِ (دَفْعُ الْمَارِّ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ الْمُسْتَوْفِيَةِ لِلشُّرُوطِ وَقَدْ تَعَدَّى بِمُرُورِهِ لِكَوْنِهِ مُكَلَّفًا (وَالصَّحِيحُ تَحْرِيمُ الْمُرُورِ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ سُنَّ لَهُ الدَّفْعُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَارُّ سَبِيلًا أَمَّا سَنُّ الصَّلَاةِ لِمَا ذَكَرَ مَعَ تَعْيِينِ التَّرْتِيبِ السَّابِقِ فِيهِ لِلْإِتْبَاعِ فِي الْأُسْطُوَانَةِ وَالْعَصَا مَعَ خَبَرِ الْحَاكِمِ «اسْتَتِرُوا فِي صَلَاتِكُمْ وَلَوْ بِسَهْمٍ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ أَيْضًا «وَلَوْ بِدِقَّةِ شَعْرَةٍ» وَخَبَرِ أَبِي دَاوُد «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ أَمَامَ وَجْهِهِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ» أَيْ فِي كَمَالِ صَلَاتِهِ إذْ مَذْهَبُنَا أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ مُرُورُ شَيْءٍ لِلْأَحَادِيثِ فِيهِ وَقَاسُوا الْمُصَلِّيَ بِالْخَطِّ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ أَظْهَرُ مِنْهُ فِي الْمُرَادِ وَلِذَا قُدِّمَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ.
وُجِدَتْ تِلْكَ الشُّرُوطُ وَإِلَّا حَرُمَ دَفْعُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْتَكِبْ مُحَرَّمًا بَلْ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَهُوَ مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِالْكَرَاهَةِ وَلَوْ فِي مَحَلِّ السُّجُودِ خِلَافًا لِلْخُوَارِزْمِيِّ بَلْ وَلَوْ قَصَّرَ الْمُصَلِّي بِمَا مَرَّ لَمْ يُكْرَهْ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» أَيْ مَعَهُ شَيْطَانٌ أَوْ هُوَ شَيْطَانُ الْإِنْسِ وَأَفَادَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنْ أَبَى» أَنَّهُ يَلْزَمُ الدَّافِعَ تَحَرِّي الْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ كَالصَّائِلِ وَلَا يَدْفَعُهُ بِفِعْلٍ كَثِيرٍ مُتَوَالٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ وَلَا يَحِلُّ الْمَشْيُ إلَيْهِ لِدَفْعِهِ وَأَمَّا حُرْمَةُ الْمُرُورِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ فَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي» أَيْ الْمُسْتَتِرِ بِسُتْرَةٍ يَعْتَدُّ بِهَا كَمَا أَفَادَهُ الْحَدِيثُ السَّابِقُ «مَاذَا عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا أَيْ سَنَةً» كَمَا فِي رِوَايَةٍ: «خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» وَالْخَبَرُ الدَّالُّ عَلَى عَدَمِ الْحُرْمَةِ ضَعِيفٌ وَيُسَنُّ وَضْعُ السُّتْرَةِ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ وَلَا يَسْتَقْبِلُهَا بِوَجْهِهِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَمَعَ ذَلِكَ هِيَ سُتْرَةٌ مُحْتَرَمَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ لَا لِذَاتِ كَوْنِهَا سُتْرَةً.
تَنْبِيهٌ:
هَلْ الْعِبْرَةُ هُنَا فِي حُرْمَةِ الْمُرُورِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلدَّفْعِ بِاعْتِقَادِ الْمُصَلِّي أَوْ الْمَارِّ أَوْ هُمَا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ إذْ قَضِيَّةُ جَعْلِهِمْ هَذَا مِنْ بَابِ النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ الثَّانِي إذْ لَا يُنْكَرُ إلَّا الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ أَوْ الَّذِي اعْتَقَدَ الْفَاعِلُ تَحْرِيمَهُ، وَقَوْلُهُمْ مَا مَرَّ فِي ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ هَذَا حَقُّهُ لِصَوْنِهِ بِهِ عَنْ نَقْصِ صَلَاتِهِ فَلْيُعْتَبَرْ اعْتِقَادُهُ، وَقَوْلُهُمْ لَوْ لَمْ يَسْتَتِرْ بِسُتْرَةٍ مُعْتَبَرَةٍ حَرُمَ الدَّفْعُ الثَّالِثُ، وَهُوَ الَّذِي يَتَّجِهُ لِأَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّ عِلَّةَ الدَّفْعِ مُرَكَّبَةٌ مِنْ عَدَمِ تَقْصِيرِ الْمُصَلِّي وَحُرْمَةِ الْمُرُورِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُرَاهِقَ لَا يُدْفَعُ وَإِنْ وُجِدَتْ السُّتْرَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فَإِذَا قَصَّرَ الْمُصَلِّي بِأَنْ لَمْ تُوجَدْ سُتْرَةٌ مُعْتَبَرَةٌ فِي مَذْهَبِهِ لَمْ يَدْفَعْ الْمَارَّ وَإِنْ اعْتَقَدَ حُرْمَةَ الْمُرُورِ كَمَا لَوْ اسْتَتَرَ بِمَا لَمْ يَعْتَقِدْ الْمَارُّ الْحُرْمَةَ مَعَهَا نَعَمْ إنْ ثَبَتَ أَنَّ مُقَلَّدَهُ يَنْهَاهُ عَنْ إدْخَالِهِ النَّقْصَ عَلَى صَلَاةِ مُقَلِّدِ غَيْرِهِ رِعَايَةً لِاعْتِقَادِهِ دَفَعَهُ حِينَئِذٍ وَلَوْ تَعَارَضَتْ السُّتْرَةُ وَالْقُرْبُ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ الصَّفِّ الْأَوَّلِ مَثَلًا فَمَا الَّذِي يُقَدِّمُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ يُقَدِّمُ الصَّفَّ الْأَوَّلَ فِي مَسْجِدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ خَارِجَ مَسْجِدِهِ الْمُخْتَصِّ بِالْمُضَاعَفَةِ تَقْدِيمُ نَحْوِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ أَنْ يَتَوَجَّهَ) هَذَا التَّقْدِيرُ لَا يُوَافِقُ أَنَّ نَائِبَ فَاعِلِ يُسَنُّ قَوْلُهُ الْآتِي دَفْعُ الْمَارِّ ثُمَّ تَقْدِيرُ هَذَا يُشْكِلُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بَسَطَ بِلَفْظِ الْفِعْلِ الْمَاضِي فَتَأَمَّلْهُ فَالْأَوْلَى تَقْدِيرٌ غَيْرُهُ إذَا تَوَجَّهَ وَحِينَئِذٍ فَأَوْ بَسَطَ عَطْفٌ عَلَى مُصَلِّي أَوْ تَوَجَّهَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ أَوْ بَسَطَ) مِنْ عَطْفِ الْفِعْلِ عَلَى الِاسْمِ أَعْنِي الْمُصَلِّيَ أَيْ لِلَّذِي صَلَّى إلَى مَا ذَكَرَ أَوْ بَسَطَ إلَخْ كَمَا فِي: {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا}.
(قَوْلُهُ عَرْضًا أَوْ طُولًا) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ طُولًا لَا عَرْضًا وَفِيهِ أَيْضًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَسَكَتُوا عَنْ قَدْرِهِمَا أَيْ الْمُصَلِّي وَالْخَطِّ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُمَا كَالشَّاخِصِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ أَيْ عَقِبِهِمَا) اعْتَمَدَ م ر أَصَابِعهمَا.
(قَوْلُهُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا) مِنْهُ الرَّأْسُ فِي الْمُسْتَلْقِي وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ تُقَرَّبَ السُّتْرَةُ مِنْ رَأْسِهِ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ فَأَقَلَّ وَإِنْ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ مَثَلًا عَنْ السُّتْرَةِ فَلَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ وَرَاءَ سُتْرَتِهِ وَإِنْ وَقَعَ عَلَى بَقِيَّةِ بَدَنِهِ الْخَارِجِ عَنْ السُّتْرَةِ.
(قَوْلُهُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ) اُنْظُرْ مَفْهُومَهُ.
(قَوْلُهُ فِي نَحْوِ مَغْصُوبٍ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى فِي مَكَان مَغْصُوبٍ لَمْ يَحْرُمْ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَإِنْ اسْتَتَرَ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ مَمْنُوعٌ مِنْ شَغْلِ الْمَكَانِ وَالْمُكْثِ فِيهِ فَلَا حُرْمَةَ لِسُتْرَتِهِ وَبِذَلِكَ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ اسْتَتَرَ فِي مَكَان مَغْصُوبٍ لَمْ يَحْرُمْ الْمُرُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَلَمْ يُكْرَهْ وَقَوْلُهُ أَوْ فِي طَرِيقٍ أَيْ أَوْ شَارِعٍ أَوْ دَرْبٍ أَوْ نَحْوِ بَابِ مَسْجِدٍ م ر.
(قَوْلُهُ لَمْ يَتَخَطَّ لَهَا) هَلْ الْمُرَادُ لَمْ يَطْلُبْ التَّخَطِّيَ لَهَا أَوْ لَمْ يَجُزْ التَّخَطِّي لَهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ اكْتَفَيْنَا فِي السَّتْرِ بِالصُّفُوفِ حَرُمَ التَّخَطِّي لَهَا إنْ لَزِمَ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَإِنْ لَمْ نَكْتَفِ بِذَلِكَ لَمْ يَحْرُمْ وَإِنْ لَزِمَهُ مِنْهُ مَا ذَكَرَ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهُوَ سُتْرَةٌ) يَنْبَغِي أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ عَقِبَهُ أَنَّ كُلَّ صَفٍّ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ فَعَلَى أَنَّهُ لَيْسَ سُتْرَةً يَكُونُ هُنَا كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَلَا يَبْعُدُ الِاعْتِدَادُ بِسُتْرَتِهِ بِنَحْوِ مُزَوَّقٍ يَنْظُرُ إلَيْهِ وَإِنْ كُرِهَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَيَحْرُمُ الْمُرُورُ حِينَئِذٍ م ر.
(قَوْلُهُ حَرُمَ الْمُرُورُ) اعْتَمَدَهُ م ر.
(قَوْلُهُ سُنَّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ) هُوَ جَوَابُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَإِذَا اسْتَتَرَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَجِبْ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ احْتِرَامًا لِلصَّلَاةِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ ثُمَّ رَأَيْت جَمْعًا أَجَابُوا عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ هَذَا أَحْسَنُهَا وَمِنْهَا أَنَّ الْمُرُورَ مُخْتَلَفٌ فِي تَحْرِيمِهِ وَلَا يُنْكَرُ إلَّا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَا يَعْتَقِدُ الْفَاعِلُ تَحْرِيمَهُ كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ وَإِنْ شُرِطَ الْوُجُوبُ تَحَقَّقَ الْإِثْمُ وَهُنَا يَحْتَمِلُ كَوْنُهُ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ غَافِلًا أَوْ أَعْمَى وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مَارٍّ آثِمٍ وَلَا يَكُونُ آثِمًا إلَّا إنْ تَحَقَّقَ انْتِفَاءُ جَمِيعِ الْمَوَانِعِ عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الدَّفْعُ فَضْلًا عَنْ نَدْبِهِ إلَّا إنْ تَحَقَّقَ انْتِفَاءُ جَمِيعِهَا. اهـ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنَّ الْأَعْمَى لَا يُدْفَعُ مُطْلَقًا وَالْوَجْهُ أَنَّهُ يُدْفَعُ إنْ عَلِمَ بِالسُّتْرَةِ وَإِلَّا فَيُدْفَعُ بِرِفْقٍ بِحَيْثُ لَا يَتَأَذَّى وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْجَوَابِ الْأَخِيرِ الَّذِي حَكَاهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ شُرِطَ الْوُجُوبُ إلَخْ نَدْبُ دَفْعِ الْجَاهِلِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَلَهُ اتِّجَاهٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْإِخْبَارِ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَقَالَ فَخَرَجَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْجَاهِلُ وَالْمَعْذُورُ فَلَا يَجُوزُ دَفْعُهُمْ عَلَى الْأَوْجَهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ مُكَلَّفًا) قَدْ يُقَالُ الدَّفْعُ هُنَا مِنْ بَابِ دَفْعِ الصَّائِلِ؛ لِأَنَّ الْمَارَّ صَائِلٌ عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ مُفَوِّتٌ عَلَيْهِ كَمَالَهَا أَوْ مِنْ بَابِ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ يُمْنَعُ مِنْ كُلٍّ مِنْ صِيَالِهِ وَارْتِكَابِهِ الْمُنْكَرَ وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ فَلْيُتَأَمَّلْ فَالْوَجْهُ أَنَّ الدَّفْعَ مَنُوطٌ بِوُجُودِ السُّتْرَةِ بِشُرُوطِهَا وَأَنَّ الْحُرْمَةَ مَنُوطَةٌ بِالتَّكْلِيفِ وَالْعِلْمِ م ر وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ كَلَامٍ قَرَّرَهُ وَمِنْهُ أَنَّ ظَاهِرَ حَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ دَفْعُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ مَا نَصُّهُ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ نَدْبُ الدَّفْعِ وَلَوْ لِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ لَكِنْ بِلُطْفٍ بِحَيْثُ لَا يُؤْذِيهِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُكَلَّفِ وَغَيْرِهِ وَأَنَّ فِيهِ نَظَرًا ثُمَّ قَالَ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ ظَاهِرُ تَقْيِيدِهِمْ سَنَّ الدَّفْعِ بَلْ جَوَازَهُ بِحُرْمَةِ الْمُرُورِ أَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ وَالْجَاهِلَ غَيْرَ الْمُقَصِّرِ لَا يُدْفَعَانِ أَيْ إلَّا بِلُطْفٍ عَلَى مَا مَرَّ. اهـ. وَاعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُكَلَّفِ وَغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ تَحْرِيمُ الْمُرُورِ) أَيْ عَلَى الْمُكَلَّفِ الْعَالِمِ وَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ أَيْ إذَا كَانَ الْمُصَلِّي فِي صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ فِي اعْتِقَادِهِ فِيمَا يَظْهَرُ م ر.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَارُّ سَبِيلًا) نَعَمْ قَدْ يُضْطَرُّ الْمَارُّ بِحَيْثُ تَلْزَمُ الْمُبَادَرَةُ لِأَسْبَابٍ تَخْفَى كَإِنْذَارِ نَحْوِ مُشْرِفٍ عَلَى الْهَلَاكِ تَعَيَّنَ الْمُرُورُ طَرِيقًا لِإِنْقَاذِهِ م ر.

.فَرْعٌ:

حَيْثُ سَاغَ الدَّفْعُ فَتَلِفَ الْمَدْفُوعُ وَلَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ فَلَوْ تَوَقَّفَ دَفْعُهُ عَلَى دُخُولِهِ فِي يَدِهِ بِأَنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِقَبْضِهِ عَلَيْهِ وَتَحْوِيلِهِ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ فَهَلْ لَهُ الدَّفْعُ وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ أَوْ لَا وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ حَيْثُ عُدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ ضَمِنَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْجَرِّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا حَرُمَ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ آذَى الدَّفْعُ وَإِلَّا بِأَنْ خَفَّ وَسُومِحَ بِهِ عَادَةً لَمْ يَحْرُمْ.
(قَوْلُهُ بَلْ خِلَافُ الْأَوْلَى) هَلَّا جَازَ دَفْعُهُ أَوْ سُنَّ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ خِلَافِ الْأَوْلَى مَشْرُوعٌ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ.
(قَوْلُهُ كَالصَّائِلِ) قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ إلْحَاقِ مَا هُنَا بِالصَّائِلِ جَوَازُ دَفْعِهِ وَإِنْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الصَّائِلَ يُدْفَعُ وَإِنْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ.
(قَوْلُهُ وَضْعُ السُّتْرَةِ إلَخْ) لَا يَتَأَتَّى فِي الْجِدَارِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَقَدْ يَتَأَتَّى فِيهِ بِأَنْ يَنْفَصِلَ طَرَفُهُ عَنْ غَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَهَلْ السُّنَّةُ وُقُوفُهُ عِنْدَ طَرَفِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ عَنْ يَمِينِهِ وَشَمِلَ الْمُصَلِّيَ فَهَلْ السُّنَّةُ وَضْعُهَا عَنْ يَمِينِهِ وَعَدَمُ الْوُقُوفِ عَلَيْهَا فِيهِ نَظَرٌ وَيَحْتَمِلُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكْفِيَ كَوْنُ بَعْضِهَا عَنْ يَمِينِهِ وَإِنْ وَقَفَ عَلَيْهَا.
(قَوْلُهُ هَلْ الْعِبْرَةُ إلَخْ) الْمُتَّجِهُ اعْتِبَارُ اعْتِقَادِ الْمُصَلِّي فِي جَوَازِ الدَّفْعِ وَاعْتِقَادِ الْمَارِّ فِي الْإِثْمِ وَعَدَمِهِ.
(قَوْلُهُ أَنَّ الْمُرَاهِقَ لَا يُدْفَعُ) الْوَجْهُ أَنَّهُ يُدْفَعُ.
(قَوْلُهُ فَإِذَا قَصَّرَ الْمُصَلِّي إلَخْ) لَوْ أُزِيلَتْ سُتْرَتُهُ حَرُمَ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهَا الْمُرُورُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ م ر.